مرحباً بكم في صفحة وزارة الخارجية الألمانية

ألمانيا والأراضي الفلسطينية وعملية السلام

Bundesaußenminister Heiko Maas trifft den Präsidenten der Palästinensischen Behörde, Mahmoud Abbas, am 26. März 2018 in Ramallah

Bundesaussenminister Heiko Maas, SPD, trifft den Praesidenten der Palaestinensischen Behoerde, Mahmoud Abbas, in Ramallah, 26.03.2018., © Xander Heinl/photothek.net

05.12.2017 - مقال

تشكل الجهود المبذولة من أجل التوصل الى سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط أحد المحاور الرئيسية في السياسة الالمانية الخارجية. ويعتبر بناء دولة فلسطينية ديمقراطية ومتصلة وقادرة على الحياة أمر جوهري لاحلال السلام طويل الأمد في منطقة الشرق الأوسط، وما زالت في هذا السياق خطة "خارطة الطريق" تشكل القاعدة لذلك، تلك الخطة التي أعلنها مجلس الأمن الدولي بشكل رسمي في قراره رقم 1515 بتاريخ 19 تشرين ثان 2003.

موضوع الساعة: الشرق الأوسط في صلب الاجتماع العام السادس والستين للجمعية العمومية للأمم المتحدة.

يقع في صدارة المشاورات التي جرت على هامش الاجتماع العام السادس والستين للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك في 21 أيلول 2011 الطلب الذي تقدم به الرئيس الفلسطيني إلى الأمم المتحدة للنظر في قبول فلسطين عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة. عشية ذلك وفي 11./12. أيلول 2011 على وجه التحديد، كان وزير الخارجية (الألماني) فيسترفيلى قد طار إلى الأردن وإسرائيل بغية سبر غور فرص العودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة بين الأفرقاء المعنيين.

وسيقوم الرئيس عباس بتوجيه كلمة إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 23 أيلول 2011 في نيويورك. في غضون ذلك ومن وجهة نظر ألمانية، يبقى البحث عن سبل تُجنّب حصول تأثيرات سلبية محتملة، قد تنشأ عن نظر الأمم المتحدة في الطلب المقدم، على عملية السلام في الشرق الأوسط وعلى الوضع الراهن على الساحة هناك على درجة من الأهمية.

وخلال محادثاته في نيويورك، دعا وزير الخارجية فيسترفيلى إلى القيام مجددا ببذل جهود دبلوماسية مكثفة في الأيام المقبلة حتى يتمّ تجنيب العودة إلى طاولة المفاوضات صعوبات إضافية وتجنب تفاقم الأوضاع في المنطقة. وفي هذا السياق وعلى هامش اجتماع الجمعية العمومية، التقى بوزراء الاتحاد الأوروبي الأحد عشر أيضاً. كما قدّمت كاترين أشتون، مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، تقريراً عن جهودها الهادفة إلى بث روح جديدة في المفاوضات بين الفرقاء المعنيين وذلك في إطار اللجنة الرباعية للشرق الأوسط. وتحظى المساعي التي تقوم بها أشتون بدعم وزير الخارجية فيسترفيلى، إذ أن ألمانيا تُشجّع البحث عن حلول بنّاءة آخذة في الوقت عينه مسؤوليتها الخاصة نحو إسرائيل بعين الاعتبار. فتفعيل اللجنة الرباعية للشرق الأوسط قد يكون خير معين على نزع فتيل الوضع المتوتر.

نظرة إلى الوراء: تطورات أساسية في الاراضي الفلسطينية وفي عملية السلام في الشرق الأوسط- من مفاوضات مدريد حتى يومنا هذا

حصلت مفاوضات مباشرة شارك فيها للمرة الأولى جميع الأطراف المعنيين بالصراع في الشرق الأوسط في 1991 في مدريد. وقد تمثّل الفلسطينيون من خلال وفد أردني - فلسطيني مشترك، ثم تبع ذلك جولات من المحادثات في واشنطن استمرت حتى 1993 وقادت عام 1994 في مفاوضات منفصلة إلى اتفاق سلام إسرائيليّ - فلسطينيّ.

فالمفاوضات السرية الإسرائيلية - الفلسطينية حققت لاحقا اختراقاً مفاجئا لتقود في نهاية المطاف إلى التوقيع على إعلان مبادئ أوسلو في واشنطن في 13 أيلول 1993. وقد كان مقدراً لهذا الإعلان أن يُشكّل الأساس لإقامة حكم ذاتيّ فلسطينيّ، إضافة إلى مفاوضات الوضع النهائي. وبناء على ذلك، تمّ إقامة السلطة الفلسطينية التي حُدّدت سُلطاتها في اتفاق القاهرة الموقع عام 1994. من طرفها، كانت ألمانيا أول بلد يفتتح، بداية في أريحا، مكتب تمثيل له في الاراضي الفلسطينية. في غضون ذلك تتمثل غالبية دول الاتحاد الأوروبي من خلال مكاتب تمثيل لها في رام الله أو قنصليات عامة في القدس. وعوضاً عن مكتب التمثيل القائم في رام الله، تحتفظ ألمانيا بفرع لمكتب تمثيلها في غزة أيضاً.

وعلى خلفية اتفاق أوسلو 2، بدأ العمل على إقامة بنية سياسية فلسطينية، بداية مع إجراء انتخابات على منصب رئيس السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي الفلسطيني. وقد كان قد تمّ التوقيع على اتفاقية أوسلو 2 بتاريخ 24 أيلول 1995. وفي 4 تشرين الثاني 1995 تمّ اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي على يدي متطرف يهودي. ومع فشل مفاوضات كامب ديفيد في صيف 2000 واندلاع ما يُسمّى "بانتفاضة الأقصى" بعد زيارة قام بها زعيم المعارضة الإسرائيلية أرييل شارون إلى الحرم الشريف في القدس في أيلول 2000، وصلت عملية السلام في الشرق الأوسط إلى طريق مسدود.

وفي 10 نيسان 2002 قررت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمين العام للأمم المتحدة في مدريد التعاون معاً وفي نطاق ما يسمى اللجنة الرباعية للشرق الوسط. وتأسيساً على خطوات تمهيدية قامت بها ألمانيا وأوروبا، طوّرت الرباعية عام 2003 "خطة سلام" خاصة بالإسرائيليين والفلسطينيين عُرفت ب"خارطة طريق". أما هدف خارطة الطريق هذه، فيكمن في تحقيق حلّ يقوم على أساس دولتين: إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية وقابلة للحياة تعيشان جنباً إلى جنب في إطار حدود آمنة ومعترف بها. وقد وافق مجلس الأمن الدولي على خارطة الطريق بتاريخ 19 تشرين الثاني 2003 داعياً طرفي النزاع إلى الالتزام بواجباتهم التي حددت في إطار خارطة الطريق. إلا أنه وحتى اليوم هذا، لم يتمّ تنفيذ أجزاء مهمة منها. ومع ذلك لا تزال تشكل مرجعية مركزية لطرفيّ الصراع والمجتمع الدولي.

نقطة مرجعية أخرى يؤلفها ما حمل اسم "مبادرة السلام العربية" والتي أطلقت غداة مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في بيروت بتاريخ 27/28 آذار 2002. وبالوصل مع مؤتمر الشرق الأوسط الذي انعقد في أنابوليس في 2007، أكدت دول الجامعة العربية في نفس العام على تمسكها بالمبادرة. وقد اشتملت المبادرة العربية على عرض مقدم من الدول الأعضاء في الجامعة العربية كافة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل انسحاب الأخيرة إلى الحدود التي كانت قائمة عشية اندلاع حرب الأيام الستة 1967. أما بالنسبة لقضية اللاجئين، فيجب السعي إلى إيجاد حل يتفق عليه الأطراف.

غداة وفاة ياسر عرفات في تشرين الثاني 2004، انتخب الفلسطينيون في 9 كانون الثاني 2005 في انتخابات ديمقراطية محمود عباس رئيساً، في الوقت الذي تكبدت فيه فتح، الحزب الحاكم، خسارة فادحة. فيما بعد وبتولي حماس السلطة في قطاع غزة في حزيران 2007 وفتح في الضفة الغربية، حصل هناك انشقاق فلسطيني داخليّ. وفي 27 نيسان 2011 تمّ التوقيع بالأحرف الأولى في القاهرة على اتفاق بين فتح وحماس لم ينفذ حتى الآن، خاصة فيما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة انتقالية إلى حين الانتخابات المزمع إجراؤها في ربيع 2012.

في 2 أيلول 2010، وبرعاية أمريكية، عاد الإسرائيليون والفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات المباشرة للمرة الأولى بعد انقطاع دام حوالي السنتين. إلا أن هذه ما لبثت أن وصلت في نهاية أيلول 2010 إلى طريق مسدود في أعقاب قيام إسرائيل بالعودة إلى النشاطات الاستيطانية بعد تعليق استمر عشرة شهور. ومنذ ذلك الحين والمفاوضات المباشرة معلّقة.

يقع الصراع في الشرق الأوسط حالياً في صميم الاجتماع العام السادس والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يبدأ في 21 أيلول 2011. وقد أعلن الرئيس الفلسطيني عباس عن نيته تقديم طلب حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لدى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 23 أيلول 2011.

جوهر النزاع في الشرق الأوسط

يقع في صميم الصراع المفتوح بين الإسرائيليين والفلسطينيين إدعاءات إقليمية على المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط. وتمتد دولة إسرائيل التي أقيمت في 14 أيار 1948 على 78 % من مساحة هذه المنطقة، في حين يتطلع الفلسطينيون إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الاراضي التي احتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام السته عام 1967 (الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة). تبقى قضايا الوضع النهائي موضع خلاف، وهي القضايا المتعلقة بمستقبل المستوطنات الإسرائيلية في الاراضي المحتلة وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى توزيع مصادر المياه الشحيحة.

يسود التوتر العلاقة بين إسرائيل والكثير من الدول العربية. فهناك علاقات دبلوماسية مع مصر والأردن فقط (اتفاقيات سلام في الأعوام 1979 و 1994 على التوالي). في حين لا تزال تسود، رسمياً، بين إسرائيل وكل من جارتيها لبنان وسوريا حالة الحرب.

الدعم الألماني من أجل دولة ديمقراطية فلسطينية

تشكل الجهود المبذولة من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ومنذ عقود محور السياسة الخارجية الألمانية؛ فسياسة ألمانيا الشرق أوسطية تنضوي تحت لواء السياسة الأوروبية الخارجية الخاصة بالمنطقة. وبالنظر إلى تاريخها، تتحمل ألمانيا مسؤولية خاصة تجاه أمن دولة إسرائيل، في الوقت الذي تعترف فيه بحق الفلسطينيين بدولة خاصة بهم. فحل مستدام للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني يتواءم وتصور ألمانيا وشركائها يمكن الوصول إليه فقط من خلال مفاوضات تقود إلى حل على أساس دولتين: دولة إسرائيل ودولة فلسطينية ديمقراطية وقابلة للحياة تعيشن في أمن وسلام إلى جانب بعضهما البعض.

ولا يكمن هدف ألمانيا بعيد المدى في حلّ تفاوضيّ للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وحسب، بل في حل إسرائيليّ - عربيّ سلميّ شامل ينسحب أيضاً على ميادين الصراع الأخرى في الشرق الأوسط: الصراعات القائمة بين إسرائيل وسوريا وإسرائيل ولبنان.

تساهم ألمانيا، من حيث كونها أحد أكبر المانحين، في إقامة بنية تحتية ورفع مستوى التربية والتعليم وبرامج التشغيل وبناء اقتصاد مستدام في الاراضي الفلسطينية. ففي إطار التعاون الثنائي في مجال السياسات التنموية، يتركّز الاهتمام على القطاعات ذات الأولوية المياء والصرف الصحي والنمو الاقتصادي المستدام وتحسين الأداء الحكوميّ. وبالنسبة للعام 2011، هناك موافقة على رصد مبلغ 42,5 مليون يورو للاستثمار في مجال التعاون التنموي.

وقد شهد شهر أيار 2010 إطلاق لجنة التوجيه الوزارية الألمانية الفلسطينية في برلين. فتحت رعاية وزير الخارجية الألمانية جيدو فيسترفيلى ورئيس الوزراء سلام فياض، تبادل وزراء الداخلية والاقتصاد والتنمية والتربية والتعليم من الجانبين الآراء حول فرص تعميق التعاون بينهما. وبقيام لجنة التوجيه، تكون الحكومة الألمانية قد أرسلت إشارة سياسية عن نيتها بدعم جهود الحكومة الفلسطينية في مسعاها لبناء هياكل الدولة. ومن المفترض أن تجتمع لجنة التوجيه الألمانية - الفلسطينية مرة في كل العام.

ويكمن احد محاور الالتزام الألماني في دعم بناء قوى الأمن الفلسطينية كشرط لا بد منه من أجل قيام دولة فلسطينية فاعلة. ومن أجل تحقيق هذا الغرض، دعت ألمانيا بتاريخ 24 حزيران 2008 إلى مؤتمر دوليّ في برلين أسفر عن قيام المجتمع الدولي بتوفير مبلغ 242 مليون دولار تستثمر خلال السنوات القادمة في عملية بناء نظام شرطي وقانوني في فلسطين. وقد موّلت ألمانيا، على سبيل المثال، بناء مراكز شرطة في الاراضي الفلسطينية، إضافة إلى إدخال نظام أوتوماتيكي للتعرف على البصمات. كما تمّ القيام بعمليات تدريب واسعة من أجل إعداد كوادر القوى الشرطية.

كما تسعى ألمانيا أيضاً إلى تحسين ظروف السكان المعيشية في الأراضي الفلسطينية من خلال مساعدة سريعة وفعّالة. ومن أجل ذلك أطلقت ألمانيا والسلطة الفلسطينية في كانون الثاني 2008 مبادرة مشتركة تحمل اسم "فلسطين نحو المستقبل". وهي مبادرة سياسية في جوهرها، إذ لا تكتفي بإيقاد الأمل في فوائد يجنيها المرء من السلام عقب انتهاء عملية السلام، بل أيضاً في إظهار فوائد سلوك طريق المفاوضات الصعب مسبقاً وبشكل موازٍ لمجرى عملية السلام.

محور آخر من محاور الالتزام الألماني تشكله غزة: وهنا تسعى الحكومة الألمانية إلى تحسين الوضع التمويني والبنية التحتية، خاصة فيما يتعلق بالتزود بالمياه والصرف الصحي. كذلك تعمل جاهدة من أجل تمكين التصدير من قطاع غزة من أجل تقوية الاقتصاد هناك.

تاريخ الصدور:21/9/2011

إلى أعلى الصفحة